ياسين بونو.. ابتسامة “الجوكر”

عندما بكى ياسين بونو، ذات حوار صحفي مع قناة إسبانية، خلَّف ذلك دهشة، بل وربما صدمة، لدى من يحبونه. فقد ألِفوه مبتسما باستمرار، ولم يظنوا أن لدى هذا الشاب الوسيم، الذي أسعدهم مرات ومرات، حد الجنون، وهو يتألق في حراسة مرمى المنتخب الوطني المغربي، على الخصوص، آلاما مبكية تختبئ في قلبه.

بدأ بونو مسيرته الكروية مع الوداد الرياضي. ولم تكن البداية سلسة، ولا عادية. ذلك أنه ظل لمدة طويلة في الظل. انتظر دوره حد اليأس والقنوط. إلى أن جاءت مباراة كبيرة وصعبة أيضا، في إياب نهائي أبطال إفريقيا، بين الوداد والترجي التونسي، بملعب رادس، يوم 12 نونبر 2011. ولأن الإصابة منعت الحارس نادر المياغري من الحضور، فقد فُتِح الباب لبونو كي يحضر في الموعد. ويا له من موعد.

قال فخر الدين رجحي، الذي كان حينها يعلق على المباراة لفائدة الفضائية القطرية “بيين سبورتس”، إنه لاحظ فرحة كبيرة لدى زملائه التونسيين، قبل انطلاق المواجهة، بفعل غياب المياغري. فلما أخبرهم بأن هناك ولدا بديلا له سيفاجئهم، لم يصدقوه. وإذ تابعوا المباراة، حيث كان لحضور بونو ألقا ملحوظا، ولا تخطئه العيون، اعترفوا لفخر الدين بأنه كان على حق. بل وسألوه:”أين كان هذا الحارس العجيب؟ لماذا لم يظهر إلى اليوم؟”.

ومباشرة في السنة الموالية، ستنطلق رحلة بونو نحو الاحتراف الأوروبي. ومجددا، لم تكن البداية عادية، ولا سلسة. ذلك أن بونو سيصبح حارسا للفريق الثاني لأتلتيكو مدريد، النادي رقم 2 للعاصمة الإسبانية. ورغم أنه سيلعب للفريق الأول لاحقا، إلا أن الأمر لن يتعدى مرحلة بسيطة، ستنقله إلى سرقسطة بالدرجة الثانية.

ولأنه كان مؤمنا بقدراته، حتى إنه لا ينفك يبتسم ولو في أسوأ الأحوال، دليل ثقته بنفسه، وبموهبته الفريدة، فقد شكل عبور ياسين بونو من جيرونا، رغم رسميته، محطة أخرى في مسيرته، التي مضت به نحو إشبيلية، معارا في البداية، حيث سينفجر شلال الإبداع والإمتاع. وهناك سيقدر له أن يفوز بكأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي، ليضيفهما إلى ألقاب أخرى حصدها في الطريق إلى قمة لطالما نادته بالاسم.

في فيلم “الجوكر” تخطو الابتسامة فوق الألم والجراح الكبيرة، والخوف أيضا. ولكنها ابتسامة خاصة جدا، فهي فارقة، وتجعل من وجه البطل أيقونة لا تنسى أبدا. وكذلك وجه بونو، واسم بونو، وابتسامة بونو، والألم الذي خلفه عند من صد أهدافهم المفترضة، وضربات ترجيحهم المتخيلة، ليعترفوا بأنه فعلا “الجوكر”؛ سواء أكان ذلك مع الوداد، في رحلته الطويلة والقصيرة في آن معا، أو في إسبانيا، ولاسيما مع المنتخب الوطني، وبخاصة في كاس العالم بقطر، ثم مع الهلال السعودي، حيث سيصبح هو نفسه الهلال؛ هلال العيد.

فلئن كان بونو، الجوكر المبتسم، أو الجوكر الذي يلقى بورقته على الطاولة لكسب اللعبة، أصاب المغاربة بذهول وهو يغادر المباراة الثانية لمونديال قطر بشعور بالدوار، ثم ما لبث أن فاجأهم بصداته المثيرة والعجائبية في باقي المباريات، ولاسيما حين تعلق الأمر بضربات الترجيح، وخصوصا ضد المنتخب الإسباني، إذ صدها جميعها، حتى قال فيه خصومه شعرا، فإنه وهو يغادر إسبانيا إلى الدوري السعودي، عوض أن ينتقل إلى الريال، فاجأهم أكثر من أي وقت مضى.

كان وقع المفاجأة مذهلا في البداية. لماذا يختار بونو هذه النهاية؟ ثم إن بعض النقاد الكرويين في السعودية قالوا إن اختيار بونو غير صائب، إذ هناك حارس جيد، ولا حاجة لهذا الذي سيحتاج الوقت كي يتعرف على زملائه، وعلى دوري روشن، وقد يهوي بالهلال إلى سفح الجبل، مع أنه النادي رقم واحد في المملكة، وينبغي أن يبقى دائما في صدر السماء.

وبما أنه رجل المفاجآت بامتياز. فقد غمر الجميع بمفاجآته التي لم تنته إلى اليوم. فقد غطت ابتسامة بونو، الجوكر، على كل النجوم الآخرين، بدءا من رونالدو البرتغالي، وصولا إلى نيمار البرازيلي، مرورا بحمدالله ابن البلد، المغربي، ليصبح اسمه على كل لسان، ولاسيما حين تصدى لنادي النصر، وأوقفه في كل الطرقات نحو كل الألقاب.

في كل الحوارات التي أجراها ياسين بونو مع الصحافة، عبر العالم، كان دائما تلقائيا، ومباشرا، وصاحب كلمات دقيقة ومفهومة، وتصيب الهدف. ألم يحرز هذا الحارس العملاق، بطوله الفارع، وتصدياته التاريخية، هدفا لا ينسى في مرمى بلد الوليد، شهر مارس 2021، لينقذ فريقه إشبيلية من الخسارة؟

هي ذكريات كثيرة تحتاج إلى سجل كبير، يحتفي بالجوكر. وابتسامة الجوكر. تلك التي تسعد الملايين عبر العالم، وتوقع آخرين، مثل رونالدو، أرضا، يبكون، وهم غير مصدقين بأن بونو سرق منهم لحظة فرح كانت على طرف اللسان. وابتسم مجددا، لينتهي الفيلم، ويتصعد الكتابة. بونو. بونو. مغرب مغرب..

 

مواضيع ذات صلة

03 يوليو 2024 - 23:30

“الكاف” يخص المغرب بـ”تقرير إشادة” في إنجاح “كان 2025”

03 يوليو 2024 - 23:00

هل ينطلق الدوري الإفريقي في يناير 2025؟

03 يوليو 2024 - 18:40

الوداد يفاوض مدرب صن داونز

03 يوليو 2024 - 18:00

العين الإماراتي يعلن رسميا استعادة مباريك من الرجاء الرياضي

03 يوليو 2024 - 16:00

“كاف” تلمح إلى إقامة نسخة ثانية من الدوري الإفريقي

03 يوليو 2024 - 15:00

وسائل إعلام إسبانية: نهائي مونديال 2030 سيجرى ببيرنابيو بمدريد

التعليقات 0

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.