يمكن القول فعلا إن الكرة المغربية تعيش أزهى فتراتها عبر التاريخ، فلا يجوز أن يقارن إنجاز المنتخب الأول للكبار بنهائيات كأس العالم بقطر 2022 بأي من الإنجازات الأخرى؛ سواء للكرة المغربية أو غيرها من كرة إفريقيا والعرب عبر التاريخ، على اعتبار أن أرقى تظاهرة في العالم هي تظاهرة كأس العالم التي لا تضاهيها أي تظاهرة أخرى.
كتبت حين أدرك المنتخب الوطني الأول المرتبة الرابعة في نهائيات مونديال قطر 2022 أنه يجب أن تكون تلك هي الانطلاقة للمزيد من الألقاب والنتائج، لكن ليس على مستوى المنتخب الوطني الأول فحسب، بل يجب أن يكون ذاك المنتخب فقط القاطرة التي تجر بقية المنتخبات والأندية في المغرب على مختلف أنواعها وأصنافها إلى الأمام.
وفعلا ما تحقق طيلة العامين الأخيرين، منذ ملحمة قطر، يثلج الصدر، ويجعل كل المغاربة فخورين بنتائج منتخباتهم الوطنية، بمقابل تراجع مهول لأداء الأندية الوطنية على صعيد الألقاب القارية والجهوية.
منتخب الشبان لأقل من 20 عاما لم يشكل الاستثناء خلال الفترة الأخيرة، وسار على المنوال نفسه لينال بطاقة عبوره إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025، والتي ستحتضنها جنوب إفريقيا، لتكون بالتالي المرة السادسة التي تصل فيها الكرة المغربية إلى هذه البطولة تاريخيا.
ولم يكتف منتخب الشبان بقيادة المدرب محمد وهبي، ومشاهدة كل من جمال آيت بن يدر، ومدرب الحراس، عبد الإله باغي، بالتأهل فقط إلى النهائيات القارية، بل تجاوز ذلك للفوز بلقب الدورة التأهيلية إلى النهائيات القارية عن منطقة شمال إفريقيا والتي أقيمت بمصر ليكون بذلك أول لقب يحرزه هذا المنتخب (فئة أقل من 20)، بعد ملحمة أسود الأطلس في قطر 2022.
قلت هذه هي المرة السادسة التي تصل فيها الكرة المغربية إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا للشبان لأقل من 20 سنة، منذ أن بدأت الكتف في تنظيمها بشكل مجمع عام 1991، علما بأنها كانت تنظم تصفيات قارية لنهائيات كأس العالم للشبان بدءا من 1979 بنظام الذهاب والإياب، بمسمى بطولة إفريقيا للشبان، حيث كان يصل المنتخبان الذين يخوضان نهائي البطولة الإفريقية إلى نهائيات المونديال.
وعلى الرغم من عدم تأهله للنسخة الأولى لكأس العالم للشبان عام 1979 بتونس عن طريق تلك البطولة وتلك التصفيات القارية، فإن أشبال الأطلس كانوا قد تلقوا دعوة للمشاركة بل وشاركوا في نهائيات المونديال، حينها لكنهم خرجوا من دوره الأول.
في الفترة ما بين 1979 و1991، حمل منتخب نيجيريا للشبان الرقم القياسي في عدد التنزيلات بلقب بطولة إفريقيا للشبان المؤهلة لكأس العالم بحصوله على أربعة ألقاب، في وقت تعذر فيه على أشبال الأطلس الوصول إلى المباراة النهائية في أي من النسخ التي أقيمت، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من إدراك هذا المبتغى عام 1987، إلا أنهم خرجوا من نصف النهائي على يد التوغو في مباراة شهيرة، من الذهاب والإياب.
ففي الملعب الشرفي بمكناس، الذي عاد إلى الواجهة مؤخرا بحلة رائعة، كان المنتخب الوطني للشبان قد فاز آنذاك على التوغو في مباراة نصف النهائي لبطولة إفريقيا للشبان لعام 1987 ذهاب، بهدف وحيد قبل أن يخسر في لومي خلال مباراة العودة بهدفين لصفر في مباراة يشهد التاريخ أن بطلها كان حكم المباراة.
إن أقصى ما بلغه المنتخب الوطني للشبان في تلك الفترة كان هو تلك المباراة وذلك الدور أي نصف النهائي الذي لم يكن ليسمن أو ليغني من جوع، مما يجعلنا نعتبر أن أفضل إنجاز طيلة فترة 12 سنة الأولى كان هو ما تحقق في 1987.
الأكثر من ذلك، وحتى عندما انطلقت بطولة إفريقيا للشبان أقل من 20 سنة (سيتم تغيير الاسم إلى كأس أمم إفريقيا للشبان أقل من 20 عاما سنة 2015) بنظام التجمع وبمشاركة 8 منتخبات فقط (سيتم رفع العدد إلى 12 منتخبا عام 2021)، فإن المنتخب الوطني للشبان لم يتمكن للوصول إلى مثل إنجاز 1987 إلا في عام 1997 عندما نظم البطولة بالمغرب لأول مرة وحصل على لقبها، تحديدا بالملعب الشرفي بمكناس نفسه على حساب جنوب إفريقيا في النهائي بهدف العميد آنذاك، عادل رمزي، وبقيادة المدرب الوطني رشيد الطاوسي.
ولم يشارك المنتخب الوطني للشبان لأول مرة في النهائيات القارية المجمعة، إلا في النسخة الثانية عام 1993 بجزر الموريس وخرج خلالها في دور المجموعات الأول بعد هزيمتين أمام إثيوبيا بهدفين لواحد وأمام مصر ب 4-1، وانتصار لا يسمن ولا يغني من جوع أمام السنغال بهدفين لصفر.
وفي مشاركته الثانية في البطولة المجمعة التي كانت بمناسبة تنظيمه النسخة الرابعة عام 1997 بكل من ملعبي الحسن الثاني بفاس والملعب الشرفي بمكناس، توج المنتخب الوطني للشبان باللقب بعد مسار جيد افتتحه يتعادل سلبي بفاس أمام مصر، قبل الفوز على السودان بهدفين لصفر بالملعب نفسه، وعزيمة أمام غانا بهدف وحيد، ليحتل بالتالي الصف الثاني في مجموعه ويصل إلى المربع الذهبي، وخلاله تمكن من هزم الكوت ديفوار بهدفين لواحد.
وسيغيب المنتخب الوطني للشبان إثر ذلك عن النسخ الموالية، قبل أن يظهر في دورة بوركينا فاسو عام 2003، غير أنه سيخرج من جديد من دور المجموعات الأول بعد هزيمتين أمام كل من الكوت ديفوار بهدف وحيد وأمام مصر ب 4-0 وتعادل سلبي أمام غانا.
ولن ينسى المغاربة دورة البنين عام 2005، والمشاركة الرابعة للمنتخب الوطني للشبان في البطولة القارية المجمعة، على اعتبار أنه تمكن منها من الوصول إلى أفضل إنجاز تاريخي على مستوى هذا المنتخب وهو المرتبة الرابعة في نهائيات كأس العالم للفئة ذاتها لهولندا بقيادة المدرب فتحي جمال.
واستطاع الأشبال حينها من الفوز على ليسوطو في أول مباراة بهدفين لصفر، قبل التعادل الإيجابي 2-2 أمام مصر، وقبل الفوز على أنغولا بهدف وحيد، ليصلوا إلى نصف النهائي الذي خسروه بصعوبة أمام منتخب نيجيريا بضربات الترجيح 5-3، بعد أن كانت المباراة قد انتهت في وقتها الأصلها وشوطيها الإضافيين بهدفين لمثليهما.
وعلى الرغم من احتلالهم للمرتبة الرابعة في تلك النهائيات القارية، بعد الخسارة أمام البنين المنظم في مباراة الترتيب بضربات الترجيح، إلا أن الأشبال تأهلوا للمشاركة الثانية في تاريخهم في نهائيات المونديال على اعتبار أن أربعة منتخبات باتت تتأهل من القارة الإفريقية إلى المونديال.
الإشكال هو ما سيحدث بعد المونديال لعام 2005، حيث لم نعد نسمع باي وصول للمنتخب الوطني للشبان إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا المؤهلة إلى المونديال إلا عند غضون عام 2021 وفي زمن كورونا، أي بعد مضي 16 سنة.
وكانت المشاركة الخامسة إذن للمنتخب الوطني لأقل من 20 عاما في النهائيات القارية المجمعة التي صارت تجمع 12 منتخبا قاريا، بدلا عن 8، بفضل التوجه الجديد لنظام تصفيات المناطق، حيث بات المنتخب الوطني للشبان يحصل على مركزه من مركزي تصفيات منطقة اتحاد شمال إفريقيا، وهي مبادرة كان قد قام بها المدير التقني السابق للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ناصر لاركيط ولقيت ترحابها من لدن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، كاف.
أقيمت نسخة 2021 بموريتانيا، وتأهل إليها المنتخب الوطني للشباب بقيادة المدرب زكريا عبوب، إلا أن الحظ خانه في الوصول إلى نهائيات المونديال حينها.
التعليقات 0