رأي.. لماذا تتخلف البطولة المغربية في الاحتراف المباشر؟

هل تذكرون أسماء اللاعبين المغاربة الذين خرجوا من البطولة المغربية لكرة القدم مباشرة إلى الدوريات الأوروبية خلال الثلاثة عقود الأخيرة؟ أكيد ستذكرونهم، رغم أنكم ستجدون بعض الصعوبة في ذلك، لأن عددهم وبكل بساطة قليل جدا، قد لا يتعدى خمسة أو ستة عناصر.

شخصيا أتذكر أن عبد الكريم الحضريوي، في منتصف تسعينات القرن الماضي، كان قد سجل أقوى صفقة انتقال في تاريخ الجيش الملكي إلى أوروبا، بمبلغ مليوني يورو، مباشرة إلى عملاق البرتغال آنذاك بنفيكا.

خلال الأسبوع الذي نودعه، سجل حمزة إيغمان، صفقة قياسية بكل المقاييس بالنسبة لتاريخ العساكر، إذ انتقل إلى أوروبا، تحديدا إلى صفوف غلاسكو رينجرز الاسكتلندي بمبلغ 3.5 مليون يورو، وهو بالتالي أول لاعب عسكري من صفوف الجيش الملكي ينتقل إلى دوري أوروبي منذ عهد الحضريوي، أي منذ حوالي ثلاثة عقود (28 سنة تحديدا).

28 سنة نعم، وقت طويل ومهول في الآن ذاته، يبين بالملموس، ويشرح لماذا ظل السؤال هل نفضل اللاعب المحلي أم القادم من أوروبا للمنتخب الوطني سائدا طوال العقود الثلاثة الأخيرة. الجواب هو لأن بطولتنا الوطنية لم تقدر نهائيا ولمدة طويلة جدا أن تصدر منتوجها لأوروبا، القارة التي من الممكن أن يطور فيها اللاعب نفسه، وبشكل رهيب يجعله ينافس بشراسة على مكانته بالمنتخب الوطني المغربي.

بعد مونديال 2018 بروسيا مباشر، وقع أيوب الكعبي في كشوفات نادي صيني قادما من نهضة بركان في صفقة قياسية حينها للاعب يخرج من البطولة الوطنية، وبلغت 6.5 مليون دولار تقريبا. الكعبي لم ينتقل حينها إذن مباشرة لأوروبا، لكن انتقل إلى الصين بمبلغ اعتبر خياليا آنذاك، ومصيره كان هو أن ثابر واجتهد ليصل إلى ما وصل إليه حاليا رفقة ناديه أولمبياكوس اليوناني، في انتظار صفقته المدوية لأحد الأندية القوية بالقارة العجوز قريبا.

الإشكال يا سادة، عندما نتحدث عن آخر ثلاثة عقود، وعن المغاربة الذين غادروا من البطولة إلى أوروبا مباشرة، قد تجدونه في الشق المالي، إذ أن العروض المقدمة للاعبين المغاربة من قبل الأندية الأوروبية لم تكن مقنعة بحسب العديد من وكلاء هؤلاء اللاعبين المغاربة الذين كانوا يختارون في كل مرة الوجهة الخليجية لعرض موكليهم، وبعدها الأندية المصرية، وفي النادر، الدوري الصيني مثلما حدث مع الكعبي.

لقد بدأنا فعلا في سماع انتقالات اللاعبين المغاربة مباشرة إلى أوروبا في السنتين الأخيرتين، خصوصا بعد التألق الملفت لأسود الأطلس، ووصولهم لنصف النهائي بكأس العالم في قطر 2022.

ويمكن القول، إن الرجاء الرياضي كان دائما صاحب حصة الأسد في هذا الشأن، وهنا نتذكر مؤخرا انتقالات كل من بنجديدة إلى ستاندار دوولييج البلجيكي، وبنتايك إلى سانت إيتيان، وأيضا محمد سوبول إلى أحد الأندية بالقسم الثاني الفرنسي، وقبلهم كانت انتقالات مباشرة بعد مونديال 98 وفي بداية الألفية الثانية، على غرار كل من هشام أبو شروان، عبد الإله فهمي، يوسف روسي، يوسف السفري، مروان زمامة، زكريا عبوب أو نبيل الصواري.

عندما سمعنا عن انتقال نايف أكرد إلى رين الفرنسي قبل سنوات قليلة، قلنا آنذاك، لقد هرمنا من أجل تلك اللحظة، لأنه فعلا لم يسبق أن انتقل لاعب من البطولة الوطنية إلى أوروبا حينها منذ عقد من الزمن تقريبا.

إن المونديال الأخير، والظهور المميز للمنتخب الوطني المغربي خلاله، أضف إلى ذلك تألق الدوليين المغاربة بشكل قوي في مختلف الدوريات الأوروبية خلال السنتين اللتين تلتا مونديال قطر، كل هذا جعل الأعين منصبة حول البطولة الوطنية، خصوصا من جانب الأندية الأوروبية التي يبدو أنها بدأت تعرف معنى القول “يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر”، وبالتالي فقد تجد في بطولتنا ذاك الطائر النادر الذي تعول عليه لهز شباك الخصوم، مثل ما وقع عندما تنقل غلاسكو رينجرز الأسكتلندي لنيل صفقة إيغمان، أو عندما انتقل أشرف داري مباشرة بعد المونديال إلى صفوف بريست الفرنسي.

هنا لابد أيضا أن نشير إلى الدور الفعال الذي لعبه المدرب السابق للمنتخب الوطني الأولمبي، عصام الشرعي في كل هذا، إذ هو من وثق في كفاءة إيغمان، ومنح له الفرصة للعب ضمن صفوف المنتخب الوطني الأولمبي، شأنه في ذلك شأن زميله بالمنتخب حينها بنجديدة، المنتقل الموسم الماضي إلى ستاندار دو لييج البلجيكي.

صحيح أيضا أن فوز المنتخب الوطني الأولمبي، رفقة الشرعي، السنة الماضية بلقب كأس أمم إفريقيا للأولمبيين ووصوله إلى نهائيات دورة الألعاب الأولمبية لهذا العام بالعاصمة الفرنسية باريس، جعل الأعين أيضا تنصب حول لاعبي هذا المنتخب الذين سيحاولون الشهر المقبل تكرار إنجاز الأسود الكبار بقطر وهم يخوضون دورة باريس 2024 للأولمبياد، خصوصا منهم اولئك الذين يمارسون بالمغرب.

ما أتمناه هو أن يزداد هذا الاهتمام من قبل الأوروبيين حول بطولتنا وأنديتنا ولاعبينا بالمغرب أكثر خلال الميركاتوات المقبلة، لما فيه خير لمنتخبات الوطنية؛ سواء الأولمبي أو الكبار، لأننا قد لا نختلف في كون من أراد التقدم والتطور فعليه بأوروبا ولا تغرنه أموال السعودية أو الإمارات، لكن بين التمني وواقع الأندية المغربية المادي قد يكون هناك مجال لأكثر من حديث.

اه، نسيت شيئا مهما آخر، ما أتمناه أيضا هو أن تستمر أكاديمية محمد السادس في تفريخ المغاربة إلى الأندية الأوروبية، ولو قبل لعبهم بالبطولة الوطنية، مثلما حدث مع كل من عز الدين أوناحي، يوسف النصيري، عبد الكبير عبقار أو حمزة منديل، لأن ذلك سيدفع أندية بطولتنا إلى التفكير قدما وبجدية أكثر في مراكز تكوينها أو أكاديمياتها التي لا يشتغل منها واقعيا واحترافيا إلا النادر.

وعندما ستشمل الاحترافية هذه الأكاديميات والمراكز، وقد يأتي ذلك قريبا من خلال المشروع الذي تحدث عنه فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مؤخرا، والذي قد يضم مؤسسات وطنية كبرى على غرار المكتب الشريف للفوسفاط، قد نأمل أن نرى إيغمانات كثيرة تتهافت عليها أقوى الأندية الإنجليزية مباشرة من البطولة الوطنية وليست الاسكتلندية فقط، بل قد نرى بطولتنا أقوى من البطولة الاسكتلندية وبطولات أوروبية أخرى وهذا ما وعد به لقجع نفسه، حين قال إن بطولتنا ستصير واحدة من أفضل البطولات في العالم في أفق 2030. لننتظر!

 

مواضيع ذات صلة

30 يونيو 2024 - 20:02

رسميا آيت منا وناسك رئيسين للوداد لكرة القدم

30 يونيو 2024 - 15:04

4 لاعبين يغادرون الرجاء بعد نهائي كأس العرش

30 يونيو 2024 - 13:41

اجتماع لمناقشة قرار تعيين أيت منا رئيسا لفرع كرة القدم بالوداد

29 يونيو 2024 - 23:30

لاعب جديد يطالب الوداد بـ 180 مليون سنتيم في النزاعات

29 يونيو 2024 - 14:30

أيت منا يبدأ مفاوضاته مع المدرب البرتغالي بيسيرو لإقناعه بخلافة بنعسكر

29 يونيو 2024 - 13:30

سعد الله يراهن على الهيكلة والحكامة في برنامجه الانتخابي لرئاسة الوداد

التعليقات 0

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.