وأنا أستمع لتدخل إذاعي لأحد الصحافيين الغابونيين، خلال الأسبوع الذي نودعه، حول مآل كرة القدم في هذا البلد العزيز على المغرب، كنت أتساءل ماذا صنعت إفريقيا في نهاية المطاف؟ وماذا يحدث به ونحن في 2024؟ ألم يحن الوقت بعد لوقف النزيف، وفض الغبار عن غبن الواقع الذي تعيشه القارة السمراء؟ ألم يحن الزمن بعد للعمل الفعلي بدلا من الكلام الفارغ من الأفواه والأقلام؟
لقد قال هذا الصحافي إن بلاده عانت الأمرين حتى إن عجلة البطولة بالغابون أصبحت متوقفة في هذا البلد طيلة السنتين الماضيتين، لعدم وجود البنية التحتية لإقامتها، فالملاعب التي ستحتضن المباريات ليست موجودة على الإطلاق.
يبدو هذا القول بالنسبة لنا في المغرب غير عادي، ما دام الغابون قد نظم كأس إفريقيا للأمم مرتين في ال 12 سنة الماضية، فكيف يعقل أن يكون البلد قد نظم نسختين من أفضل تظاهرة كروية قارية ولا يستطيع إقامة حتى بطولة محلية الآن؟
الصحافي أكد أن الحكومة السابقة بالغابون لم تكن مهتمة بملف كرة القدم، لضعف الإمكانيات، إذ أنها لم تقدر على صيانة الملاعب الأربعة التي احتضنت تلك النهائيات القارية، ما جعل ملعبا مثل ملعب العاصمة ليبروفيل منسيا وغير قابل للحديث عنه.
قبل أربع سنوات، عندما جاء باتريس موتسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، إلى منصبه لأول مرة في تاريخه، وعد بإقامة السوبر ليغ، وجعلها أرقى بطولة قارية للأندية، وبمشاركة 24 ناديا، مع تسويقها على أقوى نطاق حتى يتسنى من عائداتها العالية الوصول إلى كل الاتحادات المنضوية تحت لواء الجهاز الأعلى قاريا في كرة القدم.
وعندما قدم جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، عام 2017 إلى الصخيرات بالمغرب، وعد بأفكاره النيرة، لجعل تلك البطولة من ضمن أقوى 10 دوريات عالمية خاصة بالأندية، كما وعد بتدبير داعمين ومستثمرين لتوفير وتمويل تشييد وبناء ملعب بمواصفات الفيفا في كل بلد من البلدان المنضوية تحت لواء الكاف، حيث تحدث عن بليون دولار أمريكي كقيمة لهذا الاستثمار، أي ما يناهز 1000 مليار سنتيم مغربي.
صحيح أنه بين 2017 و2024 جاءت عاصفة كورونا لتعصف بالعديد من الأحلام في العالم، ومنها كرة القدم، لكن كورونا راحت ولله الحمد، فانطلق العالم في الاشتغال من جديد، غير أننا في كرة القدم الإفريقية يبدو أنه لم ننطلق بعد.
وبالعودة إلى السنوات الأربع الماضية، سنجد أن المغرب أثبت للعالم وليس لإفريقيا فقط أنه بلد الأفعال وليس الأقوال، فهو الذي يمكن القول، وبفخر، إنه أنقذ كرة القارة الإفريقية من السكتة القلبية.
هل تتخيلون كمية المباريات القارية التي احتضنتها وتحتضنها دائما المملكة المغربية، في كل توقف دولي خلال السنوات الماضية؟ إن دل الأمر على شيء فإنما يدل على أن حال تلك المنتخبات التي تأتي للعب في المغرب أسوأ من حال الغابون، كونها لم تجد حتى ملعبا واحدا لإقامة مباراة دولية في كرة القدم، ولربما كانت هي أيضا من دون دوريات محلية.
ولا تستغربوا أيضا إن كانت حتى تونس القريبة من مغربنا الحبيب، تعاني الأمرين في بنيتنها التحتية، وصارت لا تتوفر سوى على ملعب واحد يليق بسمعتها الكروية، بل حتى ذاك الملعب قد أصابه ما أصابه من الخراب، بفعل ضعف الصيانة وبفعل الإمكانيات المحدودة.
في شهر مارس المقبل، سيتم انتخاب باتريس موتسيبي الجنوب إفريقي من جديد على رأس أعلى هرم في الكاف، وننتظر بفارغ الصبر أقواله الجديدة ووعوده المقبلة. أما المغرب، فستبقى أبوابه مفتوحة لكل أشقائه، مرحبا بهم في أرضه، وعلى ملاعبه.
التعليقات 0