رأي.. قراءة تقنية في تشكيلة المنتخب الوطني المغربي

أعلن الناخب الوطني، وليد الركراكي، عن قائمة المنتخب الوطني المغربي الأول، التي ستخوض المواجهتين المقبلتين أمام كل من الغابون وليسوتو، برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا التي ستقام بالمغرب العام المقبل.

والمباراتان ستقامان بملعب أكادير، وهما رسميتان بنكهة ودية بالنسبة للأسود، على اعتبار أنهم مؤهلون إلى النهائيات رسميا، كون المغرب هو البلد المنظم، لكنهما محكان مهمان في مسار التحضيرات للمنافسات الرسمية المقبلة، وبالتالي وجب التعامل معهما بكل جدية، حتى يتسنى الظهور المشرف الذي يتوق له الشعب المغربي، خصوصا الفوز بكأس إفريقيا على أرض الوطن والذهاب بعيدا في كأس العالم المقبلة بالولايات المتحدة الأمريكية، كندا والمكسيك مثلما كان الحال في قطر 2022.

وفي قراءتنا للتشكيلة التي أعلن عنها الركراكي، وضمت 26 عنصرا، يمكن الوقوف على العديد من القناعات التي بات يملكها الناخب الوطني حول الفترة المقبلة، وهي ما سنحاول تلخيصه في النقط الآتية:

حراسة المرمى في استقرار تام:

هناك اقتناع تام لدى الجماهير الشغوفة بكرة القدم المغربية كون حراسة المرمى المغربية في أمان بالحضور الدائم لياسين بونو، حارس الهلال السعودي، وكذا منير المحمدي الكجوي، الذي تألق مؤخرا رفقة المنتخب الوطني الأولمبي وأحرز معه البرونزية.

مسألة الحارس الثالث محسوم في أمرها على ما يبدو منذ فترة قبل كأس أمم إفريقيا الأخيرة بكوت ديفوار، حيث أن بنعبيد، حارس الجيش الملكي، ظل ينادي عليه الركراكي منذ تلك الفترة ولم يغيره، وهذا دليل على اقتناعه التام به كذلك.

الدفاع: مؤرق أمره

دافع الركراكي خلال الندوة الصحفية التي أقامها للإعلان عن لائحته، على نايف أكرد المحترف حاليا بصفوف ويستهام الإنجليزي، والذي لم يخض أي مباراة هذا الموسم إلى حدود الساعة رفقة فريقه.

وقال الناخب الوطني، إن تمت هناك لاعبون رفضوا عروضا خليجية خلال الميركاتو الحالي بغية البقاء في تنافسية على مركز من المراكز داخل التشكيلة الوطنية، في إشارة منه إلى كل من أكرد وعز الدين أوناحي، وسط ميدان نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي.

من هذا المنطلق، يمكن أن نجد للركراكي مبررا في المناداة على هذين الاسمين، على الرغم من خروجهما من حسابات مدربي ويستهام ومارسيليا في بداية هذا الموسم، وبحثهما المستمر عن منفذ لإيجاد فريق يلائم تطلعاتهما في الموسم الحالي، فهما من الركائز التي أبلت البلاء الحسن رفقة الأسود في مونديال قطر، والجماهير المغربية لا تنسى حضورهما البهي في مختلف المباريات سواء قبل أو بعد المونديال.

ويتضح من خلال المناداة على هذين الاسمين الاقتناع التام للركراكي بأهميتهما داخل منظومته، وبالتالي فهي رسالة لهما وللجمهور المغربي على أنهما لا يزالان من الركائز التي يعول عليها في مقبل الاستحقاقات.

لكن الأوساط الرياضية في المغرب يمكن أن يكون لها رأي آخر، يقتضي بضرورة المناداة فقط على اللاعبين الذين يملكون تنافسية، على اعتبار أن هناك العديد من الأسماء اللامعة التي تنتظر فقط فرصتها، ومنها من يملك التنافسية، وهنا يجب الإشارة إلى أننا لا زلنا في انطلاقة الموسم، وبالتالي فالمباراتين معا اللتين سيخوضهما الأسود قد تعتبران أيضا بمثابة استعدادات لكل العناصر المنادى عليها للموسم الحالي، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالركائز الأساسية في السنين الأخيرة على غرار أكرد وأوناحي.

وفي السياق ذاته، فإن عدم المناداة على غانم سايس، قائد المنتخب الوطني المغربي، جاءت بالنظر إلى عدم جاهزيتيه، وهو العائد حديثا لفريقه السد القطري، أضف إلى ذلك عوامل أخرى مثل تقدم اللاعب في السن، وعدم ظهوره بالصورة المطلوبة في المباراة أمام زامبيا شهر يونيو الماضي برسم تصفيات كأس العالم، ثم عدم خوضه لمباريات هذا الموسم في دوري بات اللعب فيه مؤشرا على فقدان المكانة في التشكيلة الأساسية المنتخب الوطني المغربي في ظل تطور عدد الدوليين المغاربة في الدوريات العالمية من قبيل الليغا الإسبانية التي صارت تحتضن ما لا يقل عن 7 أو 8 لاعبين مغاربة.

ويبدو أن الركراكي، الذي كان قال من قبل إنه سيسمح بالمناداة على الدوليين المغاربة المنتقلين إلى الخليج، لطالما كان سنهم لا يتجاوز 30، قد بدأ يستوعب أنه لا فائدة من وجود هؤلاء في الفترة المقبلة على غرار سايس، رغم كونه أشار خلال الندوة الصحفية الأخيرة، أنه بإمكانه المناداة عليه مجددا في حال استعاد جاهزيتيه التامة.

وبالحديث عن مركز وسط الدفاع دائما، تمت المناداة على يونس عبد الحميد، ذي 36 عاما، وهو الذي شارك مع الركراكي لأول مرة في نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة، وظهر بمستوى جيد، قبل أن يغيب عن المباريات التي خاضها الأسود بعد الكان في شهري مارس ويونيو الماضيين.

وتأتي المناداة على عبد الحميد، وهو القائد الجديد لسانت ايتيان الفرنسي بالليغ 1، (مع تسجيل حضور رسمي للاعب منذ انطلاقة الموسم في تشكيلة الأخير)، لتظهر أن الركراكي وجد صعوبة بالغة في إيجاد الخلف لسايس، وخصوصا لشادي رياض، المنتقل حديثا إلى كريستال بالاس بالبريميرليغ، بعد تعرض الأخير لإصابة بليغة خلال الأسبوع الحالي رفقة فريقه.

وعلى الرغم من كون عبد الحميد يستحق التواجد باللائحة للعوامل السالف ذكرها، فإن البعض يرى أنه لا فائدة من الاعتماد على لاعب قد لا نجده في التشكيلة الأخيرة التي ستخوض النهائيات؛ سواء القارية أو العالمية المقبلة، كون اللاعب متقدم في السن، وبالتالي كان الاجدر الالتفات إلى لاعبي المنتخب الوطني الأولمبي في هذا المركز وعددهم كثير ممن لم تتم المناداة عليهم على غرار المهدي بوكامير أو أيمن الوافي أو عادل تاحيف أو حتى أكرم النقاش، الذي يمكنه شغر هذا المركز أيضا وله تجربة في ذلك خلال أولمبياد باريس.

سيقول البعض، بوكامير لم يظهر في تشكيلة فريقه ببلجيكا هذا الموسم، وتاحيف أيضا بحكم أن الدوري المغربي لم ينطلق بعد وهو الذي يلعب لنهضة بركان، لكن النقاش حاضر رفقة الجيش الملكي وخاض معه الدور التمهيدي لعصبة الأبطال القارية، كما أن الوافي يلعب أساسيا رفقة فريقه بالقسم الممتاز بسويسرا وسبقت المناداة عليه للألعاب الأولمبية كذلك كاحتياطي.

وتحدث البعض أيضا عن اسم آخر، يتعلق الأمر بسامي مايي، المحترف بصفوف دينامو زاغرب الكرواتي، حيث يظهر اللاعب أساسيا بصحبة هذا الفريق منذ انطلاقة الموسم، بل الأكثر من ذلك ساهم في صعوده إلى دوري الأبطال الأوروبي في بداية هذا الموسم.

مايي خرج بتدوينة مثيرة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، كتب فيها، “يبدو أن هناك مشكل شخصي”، في إشارة منه إلى الإقصاء الذي يتعرض له من طرف الناخب الوطني منذ أن تولى الأخير مهمة تدريب المنتخب الوطني المغربي.

ووجه الركراكي الدعوة أيضا لأشرف داري، حيث أعاده لصفوف المنتخب الوطني المغربي بعد غياب طويل، إذ لم يشارك المنتقل حديثا إلى صفوف الأهلي المصري، لا في نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة بكوت ديفوار ولا في المباريات بعدها رفقة الأسود.

المناداة على داري خلقت الجدل أيضا داخل الأوساط المغربية، على اعتبار أن اللاعب يفتقد أيضا للتنافسية في الموسم الحالي، ولم يكتب له الانتقال إلى فريقه الجديد سوى في غضون الأسبوع الذي نحن بصدده.

على مستوى الأظهرة، خلق الركراكي الجدل أيضا بتوجيه الدعوة لثلاثة لاعبين في مركز الظهير الأيمن، وهم أشرف حكيمي ونوصير المزراوي ومحمد الشيبي.

وللآمانة، فكل هؤلاء يستحقون التواجد في القائمة بالنظر إلى المستويات التي ما فتئوا يقدمونها داخل أنديتهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو لماذا تمت المناداة على 3 لاعبين في هذا المركز، وليس 2 كما في مركز الظهير الأيسر ومركز وسط الهجومي (رقم 10)؟

هنا لابد من الإشارة إلى كون الركراكي ذكر خلال ندوته الصحفية كونه يود الاعتماد على المزراوي لأول مرة في مركزه الرئيسي، وهو الظهير الأيمن، وهو الذي اعتمد عليه الناخب الوطني سابقا فقط في مركزي الظهير الأيسر أو وسط الميدان الدفاعي كلاعب ارتكاز فقط.

من هذا المنطلق، يبدو السؤال حول المناداة على 3 لاعبين في هذا المركز منطقيا، خصوصا إن كان الركراكي سيحاول التدوير بين حكيمي والمزراوي في المباراتين المقبلتين.

على صعيد الظهير الأيسر، الذي كان يشغره المزراوي سابقا، فإن من تمت المناداة عليهما يستحقان ذلك، من قبيل زكريا الواحيدي، الذي أصبح حديث الإعلام الدولي والبلجيكي وحتى المغربي في الآونة الأخيرة، بعد عروضه المميزة خلال ألعاب باريس الأولمبية، وكذا آدم أزنو الذي يبدو أنه أنصف أخيرا بعد تجاهله من قبل من طرف الناخب الوطني السابق لفئة الفتيان، سعيد شيبا في نهائيات مونديال هذه الفئة وقبلها أمم إفريقيا للفئة ذاتها، ثم من طرف الناخب الوطني السابق لفئة أقل من 23 عاما، عصام الشرعي خلال نهائيات الكان لهذه الفئة.

ويعتبر أزنو، 18 سنة، من العناصر التي يتوق الجمهور المغربي لمتابعتها رفقة الأسود على اعتبار حضوره المميز في المراحل الإعدادية للموسم الجاري رفقة العملاق البافاري، بايرن ميونيخ الألماني، في انتظار دخوله الرسمي في تشكيلة البايرن ضمن المنافسات الرسمية.

وقال الركراكي إن توجيه الدعوة لمثل هؤلاء اللاعبين من قبيل الواحيدي وأزنو، جاء رغبة منه كي يستأنسوا مع أجواء المنتخب الأول، وهو ما قد يؤوله البعض إلى كون اللاعبين قد لا يشاركان كأساسيين في المباراتين المقبلتين للأسود، خصوصا إذا ما كان الاعتماد على كل من حكيمي، لاعب باريس سان جيرمان، والمزراوي، لاعب مانشستر يونايتد كأساسيين في انطلاقة المباراة، مع إمكانية تغيير حكيمي في الشوط الثاني بالمزراوي في الشوط الثاني لمشاهدة الأخير في مركزه الأصلي كما ذكر الناخب الوطني، وبالتالي إتاحة الفرصة لأزنو أو للواحدي للظهور في مركز الظهير الأيسر، علما بأن حتى الشيبي الذي لم نتحدث عنه كثيرا بإمكانه أن يشغل هذا المركز كما فعل في الكان الأخير بكوت ديفوار.

سنرى!

 

مواضيع ذات صلة

19 سبتمبر 2024 - 12:40

تصنيف “فيفا”.. المنتخب المغربي يحافظ على ترتيبه عالميا وإفريقيا وعربيا

17 سبتمبر 2024 - 14:00

تفاصيل تنظيم النسخة الجديدة من بطولة إفريقيا للأمم ال”شان”

15 سبتمبر 2024 - 17:01

تأكيد غياب دياز عن “أسود الأطلس” في شهر أكتوبر المقبل

14 سبتمبر 2024 - 23:00

بادو الزاكي: نقاش زياش ودياز لم يكن على ضربة الجزاء

14 سبتمبر 2024 - 13:00

“البطولة برو1”.. الالتزام القاري يبتر الجولة 2 من 3 مباريات

14 سبتمبر 2024 - 12:30

كأس إفريقيا 2025.. “كاف” تقترح البرنامج العام لمباريات دورة المغرب

التعليقات 0

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.