الإقصاء النسوي الأولمبي.. الفشل الثاني للقجع منذ إنجاز قطر 2022

اعتدنا الوقوف على إنجازات الكرة المغربية واستعراضها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمنتخبات الوطنية، لكن ينبغي أيضا أن نتحدث عن إخفاقات هذه المنتخبات، حتى يتمكن الجميع من معرفة مكامن الخلل، وندق ناقوس الإنذار على مسامع لجنة المنتخبات بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي يرأسها فوزي لقجع.

لن نتطرق لإنجازات أو إخفاقات الأندية الوطنية بعد فترة مونديال قطر، وهي كثيرة خصوصا في ما يخص الشطر الثاني، أي الإخفاقات على اعتبار أن لقجع غير مسؤول عنها، أو بالأحرى يريد ألا يكون مسؤولا عنها، بعد أن رفع يده عنها، وأوكل كل ما يخص شؤونها للعصبة الوطنية الاحترافية، وعلى اعتبار أن إنجازات الأندية وإخفاقاتها، أيضا، تتحمل مسؤوليتها، أو تحسب للأندية في حد ذاتها، وإن كانت المنظومة الكروية ككل هي منظومة واحدة، والجمهور المغربي يفرح لكل إنجاز سواء تعلق بالأندية الوطنية أو بالمنتخبات، ويقرح لكل إخفاق لها طبعا.

يعد خروج المنتخب الوطني المغربي النسوي الأول من الدور الرابع والأخير لتصفيات الألعاب الأولمبية التي تحتضنها العاصمة الفرنسية باريس، ما بين يوليوز وغشت المقبلين، وهو فشل لم يستسغه الجمهور المغربي والمتتبعون لشؤون جل منتخباته، اعتبارا للمكاسب التي أدركت في الآونة الأخيرة والطريق الصحيح الذي كان عليه هذا المنتخب.

ويالتالي، فإن هذا الفشل يعتبر الثاني من نوعه بالنسبة للجنة المنتخبات و لفوزي لقجع، بعد مونديال قطر 2022 الذي شهد على أفضل إنجاز تاريخي لكرة القدم المغربية، بوصول منتخب الذكور الأول للمرتبة الرابعة، وللمباراة نصف النهائية، كأول منتخب إفريقي وأول منتخب عربي يدرك هذه النتيجة.

ففي يناير الماضي، كان الجمهور المغربي يمني النفس بإنجاز جديد للمنتخب الأول عند صنف الذكور، ويراهن على الفوز بلقب كأس أمم إفريقيا بالكوت ديفوار، لتكون الكأس الثانية في خزينة الأسود  تاريخيا، غير أن هذا الأمر لم يتحقق، وخرج المنتخب الوطني صغيرا من دور ثمن النهائي فقط، وهي نتيجة يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى، الناخب الوطني وليد الركراكي، على اعتبار العديد من الأمور بحسب المحللين الرياضيين، سواء كانوا مغاربة أو أجانب. هذا الأمر انعكس أيضا على لغة الانتقاد الذي تعرض له لقجع، كونه هو ” boss” الذي يرأس الركراكي مباشرة.

ويمكن القول إن النتيجتين الأخيرتين لأسود الأطلس وللبؤات الأطلس هما الإخفاقان الوحيدان المسجلان، لحدود الساعة، في سجلات المنتخبات الوطنية بعد مونديال قطر 2022، على أمل أن نعيش الإنجازات أكثر فأكثر، خلال الفترة المقبلة بحول الله.

نشر الزميل منير أوبري تدوينة مباشرة بعد خروج المنتخب الوطني النسوي من التصفيات الأولمبية، كتب فيها: “من عندي أنا، هذا الجيل الذي يمثل المنتخب النسوي، الله يعطيه الصحة”، وأنا بدوري أضم صوتي وقلمي لصوت وقلم الزميل الصحافي أوبري، على اعتبار ما أدركه هذا المنتخب والجيل من إنجازات غير مسبوقة للكرة المغربية، سواء قبل مونديال قطر 2022 بقليل أو مباشرة بعده.

ولنكون موضوعيين أكثر، فيجب أن نفرق بين كرة القدم المغربية عند الذكور وكرة القدم النسوية، عندما نتحدث عن الإنجازات والإخفاقات ككل، لكوننا ندرك أن ورش كرة القدم النسوية ككل في المغرب لم ينطلق بالشكل الذي كنا نتمناه إلا في الفترة الأخيرة، خصوصا تلك التي تلت مونديال 2018 بروسيا عند الذكور، وبالتالي فالإنجازات التي تحققت، منذ ذلك الوقت إلى الحين، هي قياسية مقارنة مع الإخفاقات، وهو ما يجعلنا متفائلين بما هو قادم.

فبعد الإعلان عن ما اصطلح عليه ” plan marshall” في عام 2020 من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي انبثقت عنها لجنة كرة القدم النسوية لتعتني بالبطولة الاحترافية الوطنية النسوية في قسميها الأول والثاني وباقي الأقسام، تحققت الكثير من المكاسب سواء على صعيد المنتخبات النسوية الوطنية أو الأندية، خصوصا على المستوى الخارجي.

ففي عام 2022 وقبل ملحمة مونديال قطر 2022 عند الذكور، كان هناك إنجاز غير مسبوق للمنتخب الوطني النسوي الأول، باحتلاله الوصافة في كأس أمم إفريقيا التي نظمها المغرب في السنة نفسها، وكان ذلك آنذاك أفضل إنجاز قاري للكرة المغربية النسوية. إنجاز حاز على تهنئة شخصية من عاهل البلاد لكافة مكونات المنتخب النسوي الأول، الذي استمر على منوال التألق بعد ضمانه أول مشاركة تاريخية له في مونديال الإناث بكل من أستراليا ونيوزيلندا صيف 2023.

وقبل مونديال قطر 2022 أيضا، كان هناك موعد تاريخي آخر بالنسبة للكرة النسوية المغربية، تجلى في وصول منتخب أقل من 17 سنة لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم للفئة ذاتها، بعد إزاحة غانا بالركلات الترجيحية في آخر دور إقصائي بملعب مولاي الحسن بالرباط.

وشارك المنتخب الوطني لهذه الفئة في المونديال بالهند في 2022 وخرج من الدور الأول، لكنه كسب خبرة كبيرة ستعود عليه بنفع قوي في ما هو آت.

ولم تقف إنجازات الكرة المغربية النسوية عند هذا الحد، حيث كان الموعد في صيف 2023 مع أول مشاركة تاريخية للبؤات الأطلس في المونديال بأستراليا ونيوزيلندا، وهنا حدث ما لم يتوقعه أحد في المغرب أو في إفريقيا، حين بلغت اللبؤات دور ثمن النهائي من أول مشاركة، وعندما خرجت ألمانيا من مجموعة المغرب.

واستمرت الإنجازات بعد ذلك، بوصول المنتخب الوطني المغربي لأقل من 20 عاما إلى نهائيات كأس العالم الذي سيقام هذا العام بكولومبيا، وكانت هي المرة الأولى تاريخيا التي تبلغ فيها كرة القدم النسوية المغربية المونديال في هذه الفئة أيضا، لتنضاف الأخيرة لبقية الفئات في ما يتعلق بالمشاركة في أكبر المحافل العالمية. 

منتخب أقل من 20 عاما للتذكير، استفاد من المشاركة القبلية لمنتخب أقل من 17 عاما في مونديال 2022، كما أنه كان قد توج في مارس 2023 بلقب كأس شمال إفريقيا لفئة أقل من 20 عاما التي احتضنتها تونس، وكان التتويج الثاني على التوالي على مستوى هذه المسابقة بالنسبة للمغرب.

وبالعودة إلى حدث الخروج من التصفيات الأولمبية على مستوى المنتخب النسوي الأول، فقد اتضحت للعيان مدى قوة المنتخب الزامبي، أحد أعتى المنتخبات القارية على مستوى الكرة النسوية، وهو المنتخب الذي كان قد ساهم في التخلي عن مدرب اللبؤات، الفرنسي رينالد بيدروس، على الرغم من وصول الأخير مع اللبؤات إلى الدور الثاني من كأس العالم في إنجاز تاريخي وغير مسبوق للكرة المغربية، ذلك أن هذا المنتخب الزامبي سيتغلب على نظيره المغربي جملة و تفصيلا في مباراتين وديتين بالدار البيضاء، مباشرة بعد مونديال أستراليا ونيوزيلندا، والحصتان كانتا بمقداري (2-0) و (6-2).

هاتان النتيجتان دقتا ناقوس الخطر على مسامع لقجع، الذي سرعان ما استغنى عن خدمات بيدروس، والتجأ إلى من يمكن اعتباره أفضل مدرب في العالم على مستوى الكرة النسوية، الإسباني خورخي فيلدا، المتوج مع منتخب بلاده بكأس العالم العام الماضي، والرهان الأول كان هو حمل المنتخب الوطني الأول إلى الألعاب الأولمبية بباريس الصيف المقبل.

ويمكن القول إن المنتخب الوطني المغربي النسوي كان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ المراد، بعد أن أزاح منتخب ناميبيا في الدور الثاني الإقصائي، علما بأن اللبؤات كن معفيات من الدور الأول، ثم بعد أن أخرج المنتخب التونسي في الدور الإقصائي الثالث، بل الأكثر من ذلك، بعد أن فاز في مباراة الذهاب خارج القواعد وبزامبيا على المنتخب الزامبي في الدور الرابع بهدفين لواحد.

وأقصيت اللبؤات في ليلة العيد بعقر الدار، بعد الهزيمة في مباراة العودة على أرضية ملعب مولاي الحسن بالرباط أمام الزامبيات بهدفين لصفر، وهو ما شكل مفاجأة سيئة للمغاربة قبل عيد الفطر السعيد.

وعلى الرغم من العتاب الذي وجهه لقجع، في نهاية المباراة إلى حكمة المباراة على اعتبار تغاضيها عن ضربة جزاء واضحة للبؤات كانت قبل تسجيل المنتخب الزامبي لهدفه الأول، وهي الضربة التي لو أعلنت لقلبت الكثير من معطيات المباراة، فإن هذا العتاب لا يجد الكثير من التبرير، استنادا إلى الكم الهائل من الفرص التي أهدرتها اللبؤات بعد ذلك برعونة كبيرة أمام مرمى الخصم.

مباراة المغرب وزامبيا الأخيرة، ينبغي أن تكون درسا للمدرب فيلدا في ما هو قادم، كيف لا وقد أبانت بالملموس على أن المنتخب الوطني النسوي  تأثر بالسفر الطويل إلى زامبيا في مباراة الذهاب، وبلعب مباراة العودة في ظرف وجيز، أي بعد أربعة أيام فقط في المغرب.

المنتخب الزامبي للتذكير هنا، كان أكثر رغبة وطموحا وواقعية في تعامله خصوصا مع مباراة الإياب، إذ دخل منذ أول وهلة، برغبة تامة للوصول إلى مرمى خديجة الرميشي، كما أنه ظل مستميتا ومنظما على المستوى الدفاعي، الشيء الذي أربك العناصر الوطنية التي لم تقم بأي شيء في الجولة الأولى من المباراة، وانتظرت حتى الجولة الثانية لتنتفضن، غير أن اللمسة الأخيرة والنجاعة الهجومية خانتهن طيلة أطوار الشوط الثاني والشوطين الإضافيين.

ولعل المعطى الجديد المتعلق بالقوانين المحينة، والتي تم العمل بها في مسار التصفيات الأولمبية عند السيدات، كان أثره واضحا على عدم وصول المنتخب الوطني النسوي إلى أولمبياد باريس، ذلك أن قاعدة امتياز الهدف أو الأهداف خارج القواعد، لم يتم العمل بها في مباراة العودة، فكان عدم استفادة اللبؤات من الهدفين المسجلين بلوساكا الزامبية، الجمعة الماضي، إذ أنه وبمجرد انتهاء مباراة العودة بالرباط بهدف لصفر، تم اللجوء إلى الشوطين الإضافيين مباشرة، لتعلن الحكمة عن ضربة جزاء، يبدو مشكوكا في أمرها، وهي الضربة التي منحت هدف التأهل للمنتخب الزامبي.

خلاصة القول، يجب الاستفادة بشكل كبير من كل هذه المعطيات السالف ذكرها، والوقوف على مكامن الخلل وراء الإخفاقين الأخيرين للكرة المغربية، ليتبين الجميع، خصوصا وأن ما هو قادم من الاستحقاقات عند جميع المنتخبات الوطنية بكل أصنافها وفئاتها وأنواعها، كبير جدا.

 

مواضيع ذات صلة

06 يوليو 2024 - 19:00

تأهبا لمونديال السيدات.. 29 لاعبة مغربية لمواجهة فنزويلا والنمسا وديا

18 يونيو 2024 - 16:00

رأي.. ماذا بعد إقصاء الفتيات من تصفيات مونديال دومنيكان؟

09 يونيو 2024 - 19:00

تصفيات المونديال النسوي 2024.. مدرب فتيات المغرب يبرر الهزيمة أمام زامبيا

08 يونيو 2024 - 23:00

تصفيات المونديال.. فتيات المغربي تنهزمن أمام فتيات زامبيا

23 مايو 2024 - 23:00

المنتخب النسوي.. 26 لاعبة لخوض وديتين أمام كونغو الديمقراطية

15 مايو 2024 - 13:08

تصفيات مونديال الفتيات.. بعثة المغرب تسافر إلى الجزائر تأهبا لمواجهة الإياب

التعليقات 0

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.