عندما نستعرض إنجازات رياضتنا منذ الاستقلال إلى الآن، وعندما نتحدث عن مشاركات ما، خصوصا في الألعاب الأولمبية السابقة، نفتخر حقا كوننا نحتل الصف الثاني في قيمة الميداليات المحرزة طيلة هذه السنين مقارنة مع الدول العربية.
حصل المغرب طيلة مشاركاته السابقة على سبع ذهبيات، جعلته يصنف ثاني العرب في تاريخ الأولمبياد بعد مصر التي أحرزت ما مجموعه 8 ذهبيات.
المؤسف أنه عندما نفتخر بهذا التصنيف، لا نتذكر سوى رياضتان صنعتا الميداليات السبع، بل كل الميداليات الأخرى، وهما بنسبة أكبر رياضتي ألعاب القوى، أم الألعاب، والملاكمة، أما باقي الرياضات فيكفينا فخرا أننا نشارك ببعض منها في نهائيات الألعاب في كل مرة، علما بأننا نملك 57 جامعة رياضية منصوبة تحت لواء اللجنة الأولمبية المغربية.
ليس من المنطقي نهائيا، في رأيي، أن نتحدث عن فشل الرياضة المغربية في كل مرة بالألعاب الأولمبية ونقرنها بنتائج هاتين الرياضتين فقط، ونحمل المسؤولية لهما فقط، وهما اللتين على الأقل أحرزتا ما أمكنهما إحرازه، بينما ننسى أو نتناسى الرياضات الأخرى وال 55 جامعة أخرى.
ثم ليس من المنطقي كذلك أن يظل Benchmark معيارنا في المقارنات هو الدول العربية ونحن بلد وصل إلى العالمية، بل إلى رابع العالم في كرة القدم على سبيل المثال لا الحصر، ونظل نفتخر بميدالياتنا السبع وكأننا خلقنا لنتنافس مع العرب فقط.
والغريب أنه عندما كنا نشارك في الألعاب العربية، تجد دولا عربية أخرى تتقدم علينا في الترتيب العام للميداليات بفوارق كبيرة، لكونها تتوفر على رياضات أخرى بمستوى يفوق ما نتوفر عليه نحن.
عندما يخفق أبطال أو بطلات الملاكمة في نهائيات الألعاب الأولمبية يخرج البعض ليتهجم على الجامعة وكأنها هي الجامعة الوحيدة التي تخفف في كل مرة، علما بأنها الوحيدة رفقة ألعاب القوى التي أهدت للمغرب حتى الآن ميداليات في نهائيات الألعاب الأولمبية. نذكركم بأنها أحرزت أربع برونزيات في تاريخ الأولمبياد.
وغدا ولا قدر الله، وهذا ما لا نتمناه، إذا ما أخفقت ألعاب القوى المغربية في إحراز ميدالية في دورة باريس 2024، ستجلد جامعة ألعاب القوى قدر المستطاع، وستنسى الرياضات الأخرى وجامعاتها 54.
تعمدت ذكر 54 وليس 55 لأنني أستثني هنا جامعة كرة القدم، فلا يمكن نهائيا أن يكون معيار تألقها هو نهائيات الألعاب الأولمبية، وهي التي استطاعت أن تدرك إنجازات لم يسبق لها مثيل لا عند العرب ولا عند الأفارقة.
ومع ذلك، أبت كرة القدم إلا أن تقول لباقي الرياضات كذلك، أنا هنا لأنقذكم هاته المرة لعلكم تتبعون الركب و”تديرو شوية ديال النفس”، لأن المغاربة ألفوا الانتصارات التي أحققها في كل مرة.
كرة القدم لها اليوم من الإمكانيات أن تدخل إلى خانة المتوجين بالميدالية الأولمبية في تاريخ مشاركات المغرب في هذه المنافسة، ونتمنى ذلك صادقين.
تخيلوا فقط، لو حصل المنتخب الوطني المغربي على ذهبية في كرة القدم ضمن الألعاب الأولمبية بباريس، وحصل سفيان البقالي، وبطل أو بطلة أخرى في ألعاب القوى على ذهبيتين أخريين ضمن هذه النسخة، ستكون أفضل حصيلة بالتالي للمغرب في تاريخ مشاركاته على صعيد الأولمبياد. آنذاك، سيخرج كل من يجلد اليوم ليذكر الجميع بأن رياضتنا بخير وعلى خير، وأنه لم يسبق لنا أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من إنجازات، كما أن العرب لم يسبق لهم أن وصلوا إلى ما وصلنا إليه.
بالتوفيق في باريس.
التعليقات 0