لا أخفيكم سرا أنه بعد كأس العالم بقطر 2022، لم أعد مهتما بشكل كبير بما تقدمه البطولة الوطنية أو الأندية الوطنية على الصعيد المحلي، بقدر ما صرت متشوقا أكثر لمتابعة كل المنتخبات الوطنية بجميع أصنافها وأنواعها، سواء تعلق الأمر بمبارياتها أونتائجها عامة، وفي كل مرة تحذوني تلك الرغبة لرؤية علم بلدي خفافا من جديد، لأعيش ملاحم جديدة مثلما عشناها مع أسود الأطلس في قطر.
ولله الحمد، لم تخيب المنتخبات الوطنية ظننا وظن المغاربة لحدود اللحظة، وفي كل المحافل، اللهم بارك وزد في ذلك، فتراني صرت أترقب الموعد الجديد تلو الآخر، وأترقب حضورا موندياليا أو أولمبيا أو قاريا جديدا، عساني أحتفل بشكل أكبر، والله نطلب أن يديم علينا الأفراح والمسرات.
ولنتذكر هنا أنه بعد مونديال قطر 2022 مباشرة، صعد منتخب الفتيان إلى نهائي كأس أمم إفريقيا لأول مرة في تاريخه، بعد أن أزاح البلد المنظم الجزائر في عقر داره بثلاثية مدوية، ثم مالي في نصف النهائي بضربات الترجيح، قبل أن يخسر النهائي في الشوطين الإضافيين من منتخب السنغال بهدفين لواحد، وأنتم تعرفون كم من لقب أحرز السنغال في السنين الأخيرة على صعيد كل المنتخبات.
وصول منتخب الفتيان إلى النهائي آنذاك مكنه من التأهل إلى نهائيات مونديال 2023 بإندونيسيا، وهي المرة الثانية في تاريخ الكرة المغربية التي يصل فيها إلى المونديال، وكان ذلك بقيادة الإطار الوطني الفذ سعيد شيبا.
النتيجة في إندونيسيا كانت إيجابية للغاية، إذ عشنا مع هذا المنتخب ملاحم رائعة، وهو يصل إلى ربع النهائي في المونديال كأفضل إنجاز للكرة المغربية على صعيد هذه الفئة تاريخيا، ليخسر من مالي الذي كان قد تغلب عليهم الأشبال قبل أشهر في الجزائر برسم الكان.
وفي نفس السنة، أي 2023، عشنا مع المنتخب الوطني الأولمبي ملحمة كبيرة، وهو يتوج على أرض المغرب الحبيب بلقب كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 عاما لأول مرة في تاريخه أيضا، بعد التفوق على مصر في النهائي بهدفين لواحد، وبقيادة المدرب القدير عصام الشرعي.
سنة بعد ذلك، سيصل هذا المنتخب لكن بقيادة مدرب لا يقل قدرة من سابقه، وهو طارق السكتيوي، إلى أبعد الحدود في نهائيات الألعاب الأولمبية بباريس الفرنسية، لنعيش معه ملاحم كبرى أخرى توجت بالميدالية البرونزية، وهي ميدالية تاريخية لم يسبق لكرتنا المغربية أن وصلت إليها.
وفي هذا العام، أبى المنتخب الوطني المغربي للفوتسال، إلا أن يحدو حدو هذين المنتخبين الرائعين، ليتوج بلقب كأس أمم إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي، وكان ذلك بالعاصمة الرباط، لنعيش معه هو أيضا ومن جديد ملاحم جديدة، خصوصا بعد ضمانه التأهل إلى كأس العالم، ووصوله فيه إلى ربع النهائي معادلا بالتالي رقمه السابق، لأفضل إنجاز لديه في هذه التظاهرة العالمية تاريخيا.
وفي السنة الماضية أيضا، أبت اللبؤات إلا أن يغمرن المغاربة هن أيضا بسعادة لا توصف وهن يبلغن الدور الثاني لنهائيات كأس العالم بأستراليا ونيوزيلندا لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية.
وبما أنه التطور يجب أن يشمل كل المنتخبات بجميع فئاتها، فإن منتخب الشابات لأقل من 20 عاما تمكن هو أيضا هذه السنة من الوصول إلى نهائيات المونديال لهذه الفئة لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية، وهو المونديال الذي أقيم بكولومبيا، وشارك فيه المنتخب الوطني لكسب المزيد من الخبرة والتجربة، ما دمنا لا نزال في مرحلة الإنشاء والتطور عندما نتحدث عن الكرة النسوية مقارنة مع صنف الرجال.
وحتى كرة القدم الشاطئية بدأت تتطور نسبيا في المغرب، من خلال منتخبها الوطني الذي استطاع في عام 2023 أن يحرز أول لقب له على الصعيد القاري، وكان الميدالية الذهبية للألعاب الإفريقية الشاطئية بتونس، قبل أن يخونه الحظ في نهائيات كأس أمم إفريقيا بمصر هذا العام في الوصول إلى نهائيات المونديال لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية، ويكتفي بالتالي بالميدالية النحاسية بعد الفوز على منتخب البلد المنظم مصر في مباراة الترتيب.
أما على الصعيد العربي والجهوي فذاك حديث آخر، إذ أن منتخب الفوتسال استطاع التتويج باللقب العربي للمرة الثالثة على التوالي في عام 2023 مكرسا هيمنة الفوتسال المغربي عربيا وقاريا.
وعلى صعيد شمال إفريقيا، كان نصيب المغرب في عام 2023 التتويج بلقب كأس شمال إفريقيا الشابات أقل من 20 عاما بطنجة المغربية.
مناسبة كل هذا الحديث واستعراض كل هذه النتائج والملاحم، هو النتائج الطيبة التي تدركها المنتخبات الوطنية سواء تعلق الأمر بمنتخب أقل من 17 عاما أو منتخب أقل من 20 عاما في الآونة الأخيرة، والمناسبة هي تصفيات كأس أمم إفريقيا للفئتين عن منطقة شمال إفريقيا.
ولن نسبق الفرحة، بل سننتظرها حتى تكتمل هذا الاسبوع بإذن الله، عندما ينجح كلا المنتخبين في الوصول إلى النهائيات القارية على أمل أن نراها معا أيضا في نهائيات المونديالين العام المقبل.
ففي مصر التي تحتضن تصفيات إتحاد شمال إفريقيا لكأس أمم إفريقيا لأقل من 20 عاما، تفوق الأشبال على مصر المنظمة بهدفين لواحد في أولى المباريات قبل الفوز أمس الأحد على تونس بالنتيجة نفسها ليصل أبناء المدرب وهبي للنقطة السادسة في الصف الاول من الترتيب، ضامنين بنسبة كبيرة حظوظا أكبر للوصول إلى النهائيات القارية التي يصلها المنتخبين الأوليين في الترتيب عن هذه الإقصائيات، في انتظر التأكيد خلال الأسبوع الجاري أمام كل من الجزائر وليبيا.
وفي المغرب، تحديدا بملعبي الأب جيكو بالدار البيضاء والبشير بالمحمدية، يسعى المنتخب الوطني للفتيان جادا للوصول إلى النهائيات القارية التي لم يتم تحديد مكانها بعد، حيث فاز في مباراته الأولى عن تصفيات اتحاد شمال إفريقيا على مصر بنتيجة ساحقة بلغت 5-1، وهي نتيجة خلفت ضجة كبيرة في إعلام بلد 112 مليون نسمة.
وفي المباراة الثانية، تعادل الأشبال أمس الأحد، أمام منتخب تونس بهدفين لمثليهما، ليحتلوا بالتالي الصف الثاني في الترتيب العام برصيد أربع نقاط وراء تونس المتصدر بسبع نقاط، في انتظار تأكيد التأهل واحتلال إحدى المرتبتين الأولى أو الثانية من أجل الوصول إلى النهائيات القارية.
بالتوفيق
التعليقات 0